نتنياهو.. السياسي الأطول بقاء في الحكم وصاحب المواقف المثيرة في الشرق الأوسط

يعد بنيامين نتنياهو واحدا من أكثر الشخصيات السياسية تأثيرا وإثارة للجدل في تاريخ إسرائيل الحديث، فهو يعرف كيف يحافظ على موقعه في قمة السلطة لعقود، رغم الأزمات الداخلية والاتهامات بالفساد والتحالفات المتقلبة، استطاع أن يبني لنفسه صورة “رجل الأمن القوي” الذي لا يتهاون في القضايا المصيرية، ويمزج بين الخطاب القومي الحاد والسياسة التي تخدم بقاءه في الحكم، كما عرف بقدرته على توجيه الرأي العام، كما ظهر مؤخرا في قراره عدم حضور مؤتمر شرم الشيخ الذي يناقش تطورات الحرب في غزة، وهو ما فسر في الأوساط الدبلوماسية كإشارة إلى استمرار توتر مواقفه في الملفات الإقليمية الحساسة.
نبذة عن بنيامين نتنياهو
يعد بنيامين نتنياهو من أبرز الشخصيات السياسية في تاريخ إسرائيل وأطولهم بقاء في الحكم، ولد في 21 أكتوبر 1949 بمدينة تل أبيب، ونشأ في أسرة صهيونية مثقفة كان لها تأثير كبير في تكوين شخصيته السياسية، إذ كان والده مؤرخا قوميا معروفا، قضى سنوات من طفولته في الولايات المتحدة، حيث تلقى تعليمه ودرس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مما منحه حضورا قويا في الأوساط الدولية، خدم في وحدة النخبة بالجيش الإسرائيلي وشارك في عمليات خاصة شكلت خلفيته الأمنية الصلبة، بدأ مسيرته السياسية في حزب الليكود، وصعد بسرعة ليصبح عام 1996 أول رئيس وزراء من جيل ما بعد تأسيس إسرائيل، جامعا بين الحضور الإعلامي القوي والسياسات الأمنية الصارمة.
المسيرة العسكرية لبنيامين نتنياهو
قبل أن يشق طريقه نحو السياسة، كان بنيامين ضابطا في صفوف الجيش الإسرائيلي، وهي المرحلة التي شكلت شخصيته الصلبة ونهجه الأمني الصارم، التحق مبكرا بوحدة النخبة “سييرت متكال” المعروفة بمهامها الخاصة عالية الخطورة، وشارك خلالها في عمليات نوعية ضد أهداف تعتبرها إسرائيل معادية، تميز بالانضباط والشجاعة، وأصيب خلال إحدى المهمات الميدانية لكنه واصل خدمته بتصميم، ترك الجيش برتبة نقيب بعد سنوات من الخدمة الفعلية.
أبرز محطات خدمته العسكرية نتنياهو:
- انضم إلى وحدة النخبة “سييرت متكال” في الجيش الإسرائيلي.
- شارك في عمليات خاصة خلال أوائل السبعينيات.
- أُصيب أثناء مهمة ميدانية وواصل الخدمة بعدها.
- ترك الجيش برتبة نقيب.
- تأثر بشدة بمقتل شقيقه في عملية عنتيبه عام 1976.
المسيرة السياسية لبنيامين نتنياهو
بدأ بنيامين نتنياهو مسيرته السياسية في صفوف حزب الليكود مطلع الثمانينيات بعد فترة عمل دبلوماسية ناجحة في الأمم المتحدة، حيث جذب الأنظار بخطاباته القوية وإجادته للإعلام، سرعان ما صعد داخل الحزب، مستفيدا من صورته كرجل أمن ودبلوماسي ذو علاقات دولية واسعة، في عام 1996، أصبح أول رئيس وزراء إسرائيلي من جيل ما بعد التأسيس، ليفتح صفحة جديدة في السياسة الإسرائيلية تقوم على التركيز على الأمن والاقتصاد الليبرالي.
ورغم خسارته السلطة لاحقا، عاد بقوة عام 2009، ليحكم لأكثر من عقد متواصل، محافظًا على نفوذه وسط خصومه، اعتمد خلال سنوات حكمه على تحالفات يمينية متشددة، وبرز كأحد أكثر القادة الإسرائيليين تأثيرا وإثارة للجدل في تاريخ البلاد.
الحياة الشخصية لبنيامين نتنياهو
يتمتع نتنياهو بحياة شخصية حافلة بالجدل لا تقل إثارة عن مسيرته السياسية، ولد لأسرة يهودية مثقفة وملتزمة بالقيم القومية، وكان تأثير والده “بنزيون نتنياهو”كبيرا في تكوين شخصيته الفكرية، تزوج ثلاث مرات، وزوجته الحالية هي سارة نتنياهو، التي تعرف بحضورها الإعلامي القوي وتأثيرها الواضح في حياته العامة، ولديه منها ثلاثة أبناء،
عرفت عائلة نتنياهو بعلاقاتها المعقدة مع الإعلام الإسرائيلي، إذ طالتهم اتهامات متكررة بسوء استخدام النفوذ العام، بينما يؤكد أنصاره أنهم ضحايا لحملات تشويه سياسية، بعيدا عن السياسة، يعرف نتنياهو باهتمامه بالقراءة والتاريخ الحديث، وبأسلوب حياة يجمع بين الانضباط والعمل الدائم، مما جعله أحد أكثر الزعماء حضورا وثرثرة في المشهد الإسرائيلي.
الأزمات والاتهامات لنتيانهو
واجه بنيامين نتنياهو خلال مسيرته الطويلة سلسلة من الأزمات السياسية والقانونية التي هزت صورته أمام الرأي العام الإسرائيلي، رغم تمسكه الدائم ببراءته واعتبار ما يواجهه “حملة سياسية منظمة” من خصومه، ورغم ذلك ظل قادرا على الصمود في وجه العواصف والبقاء في صدارة المشهد السياسي الإسرائيلي.
أبرز الأزمات والاتهامات لنتيانهو:
- اتهامات بالفساد وتلقي هدايا من رجال أعمال مقابل تسهيلات سياسية.
- قضايا تتعلق بالتلاعب بالإعلام والتأثير على تغطية القنوات العبرية.
- احتجاجات حاشدة ضد محاولاته لتعديل النظام القضائي.
- انقسامات حادة داخل المجتمع الإسرائيلي خلال فترة حكمه الطويلة.
- محاولات مستمرة من المعارضة للإطاحة به عبر صناديق الانتخابات أو القضاء.
نتنياهو يتهرب من قمة شرم
أثار قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلغاء مشاركته المفاجئة في “قمة شرم الشيخ للسلام” جدلا واسعا داخل إسرائيل وخارجها، وسط تضارب التفسيرات حول الأسباب الحقيقية وراء تراجعه عن الحضور بعد ساعات فقط من الإعلان الرسمي عن مشاركته.
تزامن القرار مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إسرائيل، التي استقبل فيها بحفاوة غير مسبوقة، واحتفاء واسع من نتنياهو ومسؤولي الحكومة الإسرائيلية الذين وصفوه بأنه “أوفى الأصدقاء”و”أفضل الرؤساء” الداعمين لإسرائيل، وقد رأت الأوساط السياسية أن الزيارة مثلت فرصة لنتنياهو لترويج إنجازاته السياسية بعد إخفاقه العسكري في الحرب الأخيرة على غزة.
ورغم الأحداث الإعلاميه التي أحاطت به، فإن إلغاء الزيارة إلى مصر كشف عن أزمات داخلية تضغط على نتنياهو، أبرزها محاكماته المستمرة في قضايا فساد، وتزايد الخلافات داخل ائتلافه الحكومي.
بحسب تقارير إسرائيلية، فإن ترامب هو من فرض على نتنياهو قبول صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، معتبرا أن استمرار الحرب يضر بالمصالح الأميركية في المنطقة، كما أشارت الصحافة العبرية إلى أن ترامب يسعى لاستثمار هذه التحركات في إعادة إطلاق مسار التطبيع مع الدول العربية إلى جانب مشاريع اقتصادية ضخمة تخدم مصالحه الخاصة.
ويرى مراقبون أن نتنياهو خشي المشاركة في القمة خشية مواجهة انتقادات عربية مباشرة أو اضطراره لمصافحة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو ما قد يثير غضب شركائه المتشددين في الائتلاف، لا سيما إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين هددا بانسحاب الحزبين من الحكومة في حال أي إشارة نحو السلطة الفلسطينية.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة إسرائيل اليوم أن تركيا عارضت بشدة مشاركة نتنياهو، إذ هدد الرئيس رجب طيب أردوغان نظيره المصري عبد الفتاح السيسي بعدم السماح لطائرته بالهبوط في مطار شرم الشيخ إذا حضر نتنياهو القمة، وأكدت مصادر إسرائيلية أن نتنياهو فضل في النهاية عدم الحضور لتجنب أي التزامات أو ضغوط تدفع باتجاه حل الدولتين.
لماذا قرر نتنياهو عدم حضور قمة شرم الشيخ؟
تشير التقارير الإسرائيلية إلى أن نتنياهو خشي مواجهة انتقادات مباشرة من القادة العرب أو التعرض لضغوط تتعلق باستئناف مفاوضات السلام، كما أنه فضل تجنب أي أزمة داخلية مع شركائه في الائتلاف الحكومي، لا سيما الوزراء المتشددين الذين عارضوا فكرة لقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.
هل كانت دوافع نتنياهو سياسية أم شخصية؟
يبدو أن الأسباب كانت مزيجا من السياسية والشخصية، فعلى الصعيد السياسي، سعى نتنياهو لتجنب أي التزامات أو تنازلات في ملف القضية الفلسطينية، بينما على الصعيد الشخصي، فهو يواجه ضغوطا متزايدة بسبب قضايا الفساد التي تلاحقه منذ سنوات.
كيف أثر إلغاء المشاركة على صورته السياسية؟
اعتبر محللون إسرائيليون أن انسحاب نتنياهو من القمة يعد “هروبا دبلوماسيا” يعكس تراجعه السياسي، وأضاع عليه فرصة لإعادة ترميم صورته بعد الحرب على غزة، كما زادت الانتقادات الموجهة إليه من المعارضة.