أخبار العالم

تصعيد جديد في أزمة سد النهضة الإثيوبي… مصر تتهم أديس أبابا بإدارة غير منضبطة تهدد الأمن المائي

في خطوة تعكس تصاعد التوترات حول ملف مياه النيل، وجهت مصر اتهاما رسميا لإثيوبيا بإدارة سد النهضة بطريقة غير منضبط، تسببت في تصريف مفاجئ لكميات كبيرة من المياه، ما أدى إلى أضرار ملموسة في مصر والسودان.

وأعلنت وزارة الموارد المائية والري المصرية في بيان اليوم السبت أن ما حدث أكدت صحة المخاوف المصرية المتكررة، مشيرة إلى أن التصرفات الإثيوبية الأخيرة أدت إلى فيضانات موسمية مفاجئة، غمرت نحو 500 هكتار من الأراضي الزراعية في السودان، وأثرت مؤقتا على تشغيل بعض محطات الري في مصر.

وأكد البيان أن القاهرة تتحرك لتعزيز منظومتها المائية الدفاعية عبر تنفيذ مشروع تطوير شامل لقناة ومفيض توشكى، بتكلفة 300 مليون دولار، لرفع القدرة التصريفية بنسبة 20%، إلى جانب تحديث أنظمة الرصد والتشغيل باستخدام تقنيات حديثة في الاستشعار عن بُعد والتنبؤات الهيدرولوجية.

وأوضح البيان أن إدارة هذه الإجراءات تتم من خلال لجنة إيراد النهر، التي تضم خبراء في الهيدرولوجيا والهيدروليكا وتحليل صور الأقمار الصناعية، بهدف التعامل مع التغيرات المفاجئة في تدفقات النيل وتأمين حصة مصر التاريخية البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا بموجب اتفاقية 1959، 

ويعد سد النهضة الإثيوبي الذي بدأ بناؤه عام 2011 بتكلفة 4.8 مليار دولار وسعة تخزينية تبلغ 74 مليار متر مكعب  أكبر مشروع مائي في إفريقيا، إذ تسعى إثيوبيا من خلاله لتوليد 6450 ميغاواط من الكهرباء، غير أن مصر والسودان تعتبران أن تشغيله دون تنسيق يهدد أمنهما المائي والغذائي، خاصة وأن مصر تعتمد على النيل لتلبية 97% من احتياجاتها المائية.

ومنذ أكثر من عقد، فشلت المفاوضات بين الدول الثلاث في التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، رغم وساطات متكررة من الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة، وكانت إثيوبيا قد أعلنت في عام 2023 الانتهاء من الملء الرابع للسد، ما أثار احتجاجات رسمية من القاهرة والخرطوم بعد انخفاض تدفقات المياه بنسبة وصلت إلى 15% خلال بعض الفترات، وحذرت تقارير أممية حديثة من أن الإدارة غير المنسقة للسد قد تؤدي إلى فيضانات مفاجئة أو موجات جفاف حادة، تهدد حياة أكثر من 150 مليون شخص في دولتي المصب.

 الموقع الجغرافي لسد النهضة

يقع سد النهضة الإثيوبي الكبير في قلب الهضبة الإثيوبية على مجرى نهر النيل الأزرق، أحد أهم روافد نهر النيل الرئيسي، اختارت إثيوبيا هذا الموقع بعناية لما يتمتع به من تضاريس مناسبة لبناء سد ضخم قادر على تخزين كميات هائلة من المياه وتوليد طاقة كهربائية ضخمة، مما جعله مشروعا، إذا تأثير مباشر على دول المصب وخاصة مصر والسودان، يقع في منطقة بني شنقول قماز غربي إثيوبيا، يبعد نحو 15 كيلومترا فقط من الحدود السودانية، أقيم على نهر النيل الأزرق، المغذي الرئيسي لنهر النيل، يساهم النيل الأزرق في توفير 60% من مياه النيل.

تاريخ إنشاء سد النهضة

جاءت فكرة بناء سد النهضة الإثيوبي ضمن خطة إثيوبيا لتعزيز التنمية وتوليد الطاقة الكهربائية الكافية لتغطية احتياجاتها الداخلية، وبدأ المشروع في ظل ظروف إقليمية حساسة، ما جعله قضية سياسية بقدر ما هو مشروع تنموي، منذ لحظة إعلان إنشائه، تحول السد إلى رمز للسيادة الوطنية في إثيوبيا، رغم الاعتراضات التي واجهها من دولتي المصب، تم وضع حجر الأساس في أبريل 2011، أطلق المشروع رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوي، واستمر البناء رغم الخلافات الإقليمية والضغوط الدولية، وشاركت شركات محلية ودولية في تنفيذه.

 التكلفة والتمويل

أصرت الحكومة الإثيوبية على تنفيذ سد النهضة الإثيوبي بمواردها الذاتية، معتبرة أن تمويل السد من الداخل يعكس استقلالية القرار الوطني، كما شجعت المواطنين على المساهمة من خلال شراء السندات الوطنية لدعم تمويل السد، مما جعله مشروما قوميا شارك فيه الشعب والحكومة معا، حيث بلغت التكلفة الإجمالية نحو 4.8 مليار دولار أمريكي، تم تمويله من السندات الوطنية والتبرعات الشعبية، ساهمت الحكومة الإثيوبية بدعم مالي مباشر، يعتبر السد رمزا للوحدة الوطنية والاعتماد على الذات.

 الخصائص الفنية لسد النهضة

يعتبر سد النهضة الإثيوبي من أضخم المشاريع الهندسية في إفريقيا والعالم، نظرا لضخامته وقدرته الإنتاجية العالية للطاقة، تم تصميمه ليحقق أقصى استفادة من مياه النيل الأزرق من خلال تخزين كميات ضخمة من المياه وتوليد الكهرباء التي يمكن تصديرها لدول الجوار:

  • الارتفاع: نحو 145 مترا.
  • الطول: يقارب 1800 متر.
  • السعة التخزينية: 74 مليار متر مكعب.
  • القدرة الكهربائية: تصل إلى 6,450 ميغاواط.
  • عدد التوربينات: 16 توربينة.

 الأهداف المعلنة لمشروع سد النهضة

تؤكد إثيوبيا أن السد ليس مشروعا سياسيا بل خطة تنموية تهدف لتوفير الكهرباء وتحقيق التنمية المستدامة، وتعتبره خطوة أساسية لتحسين مستوى المعيشة داخل البلاد وتعزيز مكانتها الاقتصادية في القارة الإفريقية، اهدافه جاءت كالآتي:

  • توليد الكهرباء لتلبية الاحتياجات المحلية.
  • تصدير الطاقة إلى دول شرق إفريقيا.
  • تحسين البنية التحتية الصناعية والزراعية.
  • تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
  • تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.

 التأثيرات الإقليمية

تتجاوز آثار سد النهضة الإثيوبي حدود إثيوبيا لتشمل دول حوض النيل، خاصة مصر والسودان، وبينما تعتبره إثيوبيا مصدرا للتنمية، تنظر إليه دول المصب باعتباره تهديدا محتملا لحصصها المائية، مما جعله محورا دائما للخلاف السياسي والدبلوماسي في المنطقة:

  • مصر تخشى من تراجع حصتها التاريخية البالغة 55.5 مليار متر مكعب.
  • السودان تخشي من الفيضانات أو الجفاف المفاجئ.
  • إثيوبيا تعتبر السد مشروعا وطنيا لتحقيق نهضتها الاقتصادية.

 المفاوضات والخلافات

منذ إعلان المشروع، دخلت مصر والسودان وإثيوبيا في مفاوضات طويلة لم تنجح حتى الآن في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية الملء والتشغيل، وتنوعت الوساطات الدولية دون تحقيق اختراق حقيقي في الأزمة، حيث بدأت المفاوضات عام 2011، وشاركت فيها الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي والبنك الدولي، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي ملزم، أعلنت إثيوبيا الملء الرابع عام 2023 رغم اعتراض مصر والسودان.

 التحذيرات الدولية

أبدت منظمات دولية عدة قلقها من تأثير سد النهضة الإثيوبي في حال إدارته بشكل أحادي دون تنسيق بين الدول الثلاث، كما حذرت من انعكاساته البيئية والمائية المحتملة على الأمن المائي والزراعة في المنطقة من جانب خطر فيضانات مفاجئة في السودان، مع احتمال نقص المياه في مصر وتأثيره على الزراعة، وحدوث اضطراب النظام البيئي في مجرى النيل، لذلك قامت بالدعوه  إلى إدارة مشتركة منسقة لتقليل الأضرار.

الوضع الحالي

 لا يزال سد النهضة الإثيوبي  حتى عام 2025، يمثل ملفا معقدا تتداخل فيه السياسة والاقتصاد والبيئة، وبينما تواصل إثيوبيا تشغيل السد تدريجيا، تسعى مصر والسودان لضمان حقوقهما المائية عبر المفاوضات والمساعي الدبلوماسية، تعمل إثيوبيا على التشغيل التجريبي والتدريجي للسد، تطالب مصر والسودان بـ اتفاق قانوني شامل، وتستمر المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي، لذلك يعد السد قضية استراتيجية إفريقية تمس الأمن المائي الإقليمي.

 أهمية سد النهضة لمستقبل إفريقيا

يمثل سد النهضة الإثيوبي نموذجا واضحا لصراع التوازن بين التنمية والسيادة المائية في إفريقيا، فهو مشروع يحمل فرصا اقتصادية هائلة لإنتاج الطاقة وتعزيز البنية التحتية، لكنه في الوقت نفسه يثير مخاوف حقيقية حول الأمن المائي الإقليمي، ورغم ما يحمله من آمال تنموية، إلا أنه يشكل خطرا محتملا على مصر والسودان في حال غياب التنسيق العادل في إدارته وتشغيله.

1. ما سبب تصاعد الأزمة بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة؟

تعود الأزمة إلى إدارة إثيوبيا للسد بشكل أحادي دون اتفاق قانوني ملزم مع دول المصب، ما تسبب في تصريف مفاجئ للمياه أثر على مصر والسودان، وأثار مخاوف من تهديد الأمن المائي لكلا الدولتين.

2. كيف تؤثر إدارة سد النهضة على الأمن المائي في مصر والسودان؟

الإدارة غير المنسقة قد تؤدي إلى فيضانات مفاجئة في السودان أو انخفاض حاد في تدفقات النيل نحو مصر، مما يهدد الزراعة وتوليد الكهرباء، ويؤثر على الأمن الغذائي والمائي للبلدين.

3. هل توجد جهود دولية لحل أزمة سد النهضة؟

نعم، شاركت الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي والبنك الدولي في وساطات متكررة منذ 2011، لكنها لم تنجح بعد في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد بشكل يضمن حقوق جميع الأطراف.

اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى